languageFrançais

البنك الدولي: غياب العدالة الجبائية يعمّق الأزمات الاقتصادية في تونس

يعيش الاقتصاد التونسي عام 2024 على وقع تحديات متعددة تتشابك بين الأزمات المناخية والمالية والاجتماعية، فرغم بعض المؤشرات الإيجابية، لا يزال النمو الاقتصادي متعثرًا، ما يضع تونس أمام اختبارات صعبة لاستعادة الاستقرار وتعزيز الثقة، وذلك وفقًا لتقرير البنك الدولي الأخير، بعنوان " الإنصاف والفاعلية في النظام الجبائي التونسي- خريف 2024" .

وسجل الاقتصاد التونسي نموًا بنسبة 0.6% فقط خلال النصف الأول من العام، وهو معدل يعكس استمرار تداعيات الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تعصف بالبلاد منذ سنوات.

وعلى الرغم من انتعاش محدود في قطاع الفلاحة بعد خسائر كبيرة العام الماضي، ما زالت قطاعات رئيسية مثل النفط والغاز والنسيج والبناء تعاني من انخفاض الطلب المحلي والدولي وتراجع الاستثمارات.  

وأدى تباطؤ النمو إلى تفاقم أزمة البطالة التي بلغت 16% في الربع الثاني من 2024، وهو معدل يعكس انخفاض مشاركة اليد العاملة مقارنة بفترة ما قبل الجائحة. كما يعاني الشباب والنساء، على وجه الخصوص، من صعوبة متزايدة في دخول سوق العمل، ما يفاقم التحديات الاجتماعية.  

شهدت تونس انخفاضًا في عجز الحساب الجاري إلى 1.4% من الناتج المحلي الإجمالي بفضل تحسن الصادرات وزيادة عائدات السياحة. 

كما تراجع التضخم إلى 6.7% في سبتمبر 2024، وهو أدنى مستوى منذ أوائل 2022، إلا أن أسعار الغذاء لا تزال مرتفعة، حيث بلغ تضخم المواد الغذائية 9.2%، مما يؤثر بشكل مباشر على الأسر ذات الدخل المحدود.  

اختلالات في النظام الضريبي

أشار تقرير البنك الدولي إلى أن النظام الضريبي التونسي يحقق إيرادات مرتفعة نسبيًا مقارنة بدول أخرى، لكنه يعاني من ضعف في العدالة والفعالية. ويتحمل أصحاب الدخل من العمل العبء الأكبر من الضرائب، بينما تستفيد رؤوس الأموال من امتيازات واضحة.

هذا التفاوت يسهم في تعزيز عدم المساواة ويؤثر على الحوافز الاقتصادية، في مواجهة ارتفاع تكاليف الطاقة، تراهن تونس على الطاقات المتجددة كجزء من استراتيجيتها الاقتصادية. 

تشمل المشاريع الحالية بناء محطات للطاقة الشمسية بقدرة 500 ميجاوات في عدة ولايات، مع خطط لإضافة 1,700 ميجاوات بحلول عام 2026، بهدف تحقيق 17% من إجمالي إنتاج الكهرباء من مصادر متجددة.  

تحديات التمويل والاستثمارات

تتزايد مخاطر التمويل في تونس مع ارتفاع الدين المحلي من 29.7% من إجمالي الدين العام في 2019 إلى 51.7% في أوت 2024. أدى هذا التوجه إلى اعتماد الحكومة بشكل كبير على البنوك المحلية، مما يحد من التمويل الموجه للقطاع الخاص ويهدد استقرار الدينار والأسعار.  

في ظل هذه التحديات، يظل النمو المتوقع لعام 2024 في حدود 1.2%، وهو مستوى أدنى من احتياجات البلاد. يشدد البنك الدولي على ضرورة إصلاح النظام الضريبي وتعزيز الشفافية وتحسين مناخ الأعمال لزيادة الاستثمارات وتحقيق نمو مستدام.  

تونس تقف عند مفترق طرق اقتصادي في 2024، حيث تتطلب المرحلة المقبلة سياسات جريئة تعالج التفاوتات الاجتماعية وتُعزِّز الإنتاجية والاستثمارات. من دون هذه الإصلاحات، ستبقى الآفاق الاقتصادية للبلاد غامضة، مما يُعمِّق التحديات التي تواجهها الحكومة والمجتمع التونسي.

وتعليقا على ذلك، قال ألكسندر أروبيو، مدير مكتب البنك الدولي في تونس: "على الرغم من التحديات المستمرة، يواصل الاقتصاد التونسي إظهار قدرته على الصمود، بالإضافة إلى بروز آفاق جديدة. ويظل البنك الدولي ملتزماً بدعم تونس في مواجهة التحديات التي أشار إليها التقرير، لا سيما لدعم النمو وتنمية القطاع الخاص ".
 

صلاح الدين كريمي

share